Wednesday, January 21, 2009

الصلح خير

رحم الله الفنان منصور الرحباني، أجد نفسي أتذكر ما تمثله مسرحيته ملوك الطوائف من انعكاس على الوضع العربي، ولكن أعود لأردد: رحمك الله يا منصور والصلح خير




هذا الفيديو متعلق بالموضوع وليس بالمرحوم منصور الرحباني

تحذير: الموضوع طويل


ناشد الرفيق زيدون حضرة صاحب السمو الأمير أن يبذل جهدا مماثلا لجهده في القمة في مصالحة فئات المجتمع الكويتي
، وأنا إذ أنضم إليه في هذه المناشدة أرغب في دعم مناشدتنا ببعض التفصيل من الذاكرة العربية الإعلامية، فإن كنتم متابعين جيدين للإعلام خلال السنوات الأربع عشر الماضية لن تجدوا جديدا فيما سأكتب

كان يا ما كان، في حديث العصر والزمان، قمة عربية يشار لها بالبنان، جمعت قادة العرب في قصر بيان

وررغم الطابع الاقتصادي والتنموي والاجتماعي لقمة الكويت إلا أن ضخامة الفاجعة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة وانعكساتها على التضامن العربي والخلافات الجديدة القديمة بين مصر وقطر من ناحية والسعودية وسوريا من ناحية أخرى، قد سيطرت على متابعة العرب وغيرهم للقمة، وأدت إلى تقاطب إعلامي كانت أبرز أدواته قناتي الجزيرة والعربية الإخباريتين وبعض الصحف المصرية


بالنسبة لقطر ومصر، هل تذكرون الخلاف الحاد بين البلدين في تسعينيات القرن الماضي، والذي وصل إلى حد التراشق الإعلامي الواطي؟ عفوا فلا أجد وصفا ألطف من ذلك
حينها قامت السعودية برعاية من الملك فهد بالوساطة بين البلدين.
ولكن بعد أن صالحت السعودية بين مصر وقطر، دخلت هي مع قطر في خلاف أقل حدة وأطول مدة كانت أبرز ملامحه، إلى جانب الحرب الباردة إعلاميا، الخلاف الحدودي

حينها كانت، ولا تزال، قطر تمتلك السلاح الإعلامي الأقوى في الوطن العربي وهو قناة الجزيرة، وأدركت السعودية أنه لا مناط من مجاراة هذا السلاح الذي تفوق على صحيفتيها واسعتي الانتشار: الشرق الأوسط والحياة، فبدأت بالتخطيط بشكل هادئ وسريع لإنشاء سلاح إعلامي مقابل وهو قناة العربية، ليس من أجل قطر وحسب بل من أجل صورة الوطن العربي والسعودية في العالم، وشاءت الأقدار أن يكون عمر الخلاف بين البلدين أطول من فترة حمل وولادة القناة في عام٢٠٠٣، حيث لم ينتهي خلاف البلدين إلا العام الماضي

الآن قد تتساءلون: أين دور الكويت؟
الدول العربية الكبرى لم يمكنها التدخل، فمصر كانت على خلاف انتهى حديثا مع قطر، وسوريا شبه منعزلة عربيا بتحالفها الاستراتيجي مع إيران ند المملكة الإقليمي، والعراق يحكمه صدام حسين ثم الأمريكان ثم العراقيين المنشغلين بإعادة بلدهم إلى الطريق الصحيح، والدول الأخرى كالمغرب والبحرين ستنحاز إلى السعودية بلا شك
هنا أتى دور الكويت التي كانت، ولا تزال، على علاقة طيبة بالبلدين

ودور الكويت لم يكن مقتصرا على المسار السعودي القطري وحسب، بل الخليجي عامة، فخلال العامين٢٠٠٦ و٢٠٠٧ قادت الكويت حملة مصالحات خليجية، فكان هناك خلاف سعودي قطري وآخر سعودي إماراتي وثالث إماراتي عماني ورابع وخامس قديمان بين البحرين والسعودية وبين قطر والبحرين وسادس بين الإمارات من ناحية وقطر وعمان من ناحية أخرى

السعودية قبل نهاية حكم الملك فهد قامت، بقيادة ولي العهد آنذاك الأمير عبدالله، حتى وقت قصير، بحل جميع خلافاتها الحدودية البرية مع جيرانها السبعة ومنهم قطر، ولكن ذلك إضافة إلى العلاقات التاريخية المميزة مع الكويت لم يمنع السعودية من الاعتراض على مشروع أنبوب الغاز القطري إلى الكويت، إلا أن جهود السعودية كانت تدعمها جهود كويتية على مسار مقابل

الكويت قادت حملة كانت أبرز ملامحها جولة أمير الكويت الخليجية ولقاءاته بقادة الدول الخمس للوقوف على نقاط الخلاف وفتح الملفات كسبيل لإغلاقها، تلت تلك الجولة جولة متابعة من ولي العهد الكويتي للتأكد من سير جهود الوساطة الكويتية على ما يرام، وكان من نتائجها المباشرة واللاحقة التالي

إنهاء الخلاف الحدودي الثلاثي بين السعودية والإمارات وعمان، الذي طفى على السطح مرة أخرى بعد وفاة الشيخ زايد
إنهاء الخلاف الإماراتي مع عمان وقطر بسبب دعم البلدين لعمرو موسى، يا لسخرية القدر، بعد أن همش مبادرة الشيخ زايد لتجنيب العراق ويل الحرب الأمريكية، وزاد الطين بلة قيام قطر بدعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى قمة مجلس التعاون في الدوحة
وللعلم، فحينما كانت الكويت في قمتي عمان وبيروت العربيتين تجاهد لحماية حقها فيما يخص بند الحالة بين العراق والكويت في بيان القمتين، كان الموقف القطري العماني في صف عمرو موسى، وكذلك كانت الدولتين تدعم منصب الأمين العام عندما كانت الكويت تقلل منه منذ٢٠٠١ إلى٢٠٠٤، أما الآن فالوضع قد تغير

لن أدخل في الخلافات الخليجية الأخرى، تجنبا لمزيد من الإطالة، وأعرج إلى الخلاف السوري السعودي الذي تأجج بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، ولعل من أوجع نتائجه المؤقتة وغير السياسية على سوريا كان منع السعودية دخول الشاحنات التجارية السورية إلى الجزيرة العربية من الأردن بسبب منع سوريا للشاحنات اللبنانية من الخروج من لبنان، فكان الوضع أشبه بـ سيب وأنا اسيب، كما يقول المصريون

الكويت انتشلت سوريا من عزلتها العربية، كما قربت الدول الغربية لها خاصة أمريكا، وحضت في أكثر من تصريح كلا من أوروبا وأمريكا على أن الخيار الأوحد لحل المشاكل مع سوريا يتم بالدبلوماسية والتفاوض، فسوريا ليست إيران الثورية ولا عراق صدام ولا أفغانستان طالبان، فلم توجه جيوشها ضد شعوبكم ولا حتى ضد اسرائيل، أقصد بعد الحرب الباردة

وحينما كان حسني مبارك يحذر من الخطر الشيعي، والملك عبدالله الثاني ينذر من الهلال الشيعي، والسعودية تعامل العراق ببرود دبلوماسي وتنظر إلى المالكي كعميل إيراني، وبينما كانت قطر وإيران وسوريا يدعمون حماس ضد فتح، وحينما كانت إيران تذكر بأن خطر الإرهاب كان يأتي من دول سنية، ولبنان تنقسم بين دروز ومسيحين وسنة من ناحية وشيعة ومسيحيين آخرين من ناحية أخرى، وسط كل هذا التقاطب الطائفي كانت الكويت تأخذ موقعا وسطا، فلم تعمل لطائفة أو دولة ضد أخرى بل قربت بينهم ودعمت جهود المصالحة والوساطة كالوساطة السعودية بين حماس وفتح في مكة ومؤتمر الدوحة الذي جمع الفرقاء اللبنانيين.


الكويت كانت في يوم من الأيام طرفا في خلاف عربي كان الأكبر والأعمق، وهو غزو الكويت، وكانت الفترة الممتدة منذ إنشاء مجلس التعاون العربي عام١٩٨٩ إلى قمة القاهرة عام١٩٩٦ من أحلك الفترات على الوطن العربي، لذلك الكويت تدرك أنها إذا تركت الخلافات تنخر في الجسد العربي ستخسر أربع مرات
أولا: في آليات عمل عربي غير مشترك ومنقسم وغير فعال لا يلبي طموحات الأنظمة والشعوب على حد سواء
ثانيا: تفكك الدول العربية إلى محاور ما يسمى بالاعتدال والممانعة واستقطاب الدول الشرقية والغربية للدول العربية، فتصبح كل الدول العربية كمصر السادات بعد زيارة القدس أو كالمغرب بعد إنشاء الاتحاد الافريقي وقبول عضوية ما يسمى بالجمهورية الصحراوية أو كعراق صدام بعد غزو الكويت أو كسوريا حافظ الأسد خلال الحرب العراقية الايرانية
ثالثا: عدم قدرة الكويت كدولة صغيرة على الصمود إقليميا في بحر من الخلافات والحزازات
رابعا، ستتغير خارطة العمالة العربية في الكويت، وغيرها من الدول العربية، بحيث تعكس طبيعة علاقات الدولة مع من اختارت من العرب
وقد تكون الخسارات أكثر من ذلك

وهنا بعد أن استعرضت الدور الكويتي في المصالحات العربية والتي كان آخرها في القمة الاقتصادية قبل يومين، أكرر المناشدة وأتسائل: لماذا نرى عجزا في الكويت عن حل الخلافات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في دولة سكانها ثلاثة ملايين ثلثهم فقط من المواطنين في حين نرى تفوقا في حل خلافات عربية تجعل خلافاتنا الداخلية أقزم من أن ترى بالميكروسكوب!؟!؟

لا أجد جوابا فقد أدرك شهرزاد الصباح وسكتت عن الكلام المباح