Friday, December 31, 2010

وداع2010

أعزائي القراء والمدونين

كم اشتقت لهذه المدونة وزوارها في فترة الخمول التدويني العظيم الذي أصابني العام الحالي وكم عاتبت نفسي على عدم تحديث المدونة، ولكن الظروف كانت أصعب

إلا أن ظروفي لم تكن أصعب من الظروف التي مرت على الكويت فالعام الحالي، أو الماضي عندما تقرؤون هذا الموضوع، كانت أصعب وأختار منها التالي


إقرار خطة التنمية
هذه الخطة الحكومية التي باركها مجلس الأمة بالإجماع لم تخلُ من انتقادات النواب الذين لا يزالون يشككون في أوجه صرفها وجدواها، إلا أنها تظل لدى الكثير من الكويتيين أملا اعتقدوا أنه فقد في الكويت حتى أصبح البعض يسمي وزير التنمية الشيخ أحمد الفهد بأحمد الأمل، رغم أنه كان يسمى قبل أربعة أعوام من الخطة بأحد أضلاع مثلث الفساد، فله مني تحية على ذكائه في كسب الأصدقاء وتحييد الأعداء وعزلهم، وليتنا نلقى من ذكائه كل خير ويجنبنا من ذكائه كل شر


ظاهرة محمد الجويهل
قديمة بالشخص والمضمون، فهذا المرشح السابق الأضحوكة استخدم خطابا عنصريا سمجا بذيء الألفاظ ممزوجا بنبرة نوستالجية ليستغل حنين الكويتيين إلى الماضي القريب الذي يعتقدون بأنه كان عصرا ذهبيا، إلا أن الجديد في ظاهرته هو تزامنها مع خطة التنمية ومع وزير الداخلية الحالي الشيخ جابر الخالد الصباح وتعاظمها في مرحلة ما بعد حملة تأبين عماد مغنية التي لم تبرأ جراحها بعد إلا لدى السياسيين

فخطة التنمية تحمل عنصر التطلع لمستقبل باهر من خلال استرجاع نهضة الكويت في عقود ما بعد الاستقلال والطفرة النفطية، كما تحمل مبادرة قادمة من الحكومة لا النواب لتحويل مسار العمل السياسي في الكويت تجاه التنمية وهذا ما انتبه إليه النواب فوافقوا عليها في بالإجماع من باب رفع العتب، فالتساؤل عن إمكانية تحقيق التنمية بوجود حرية وديمقراطية منتشر لدى الشعب حتى يومنا هذا ويستخدم كسلاح رخيص لدى البعض، أما وزير الداخلية فهو أول وزير حسب ما تداوله الناس يستقبل مرشحا سابقا عرف عنه سب الناس بعنصرية وانتقائية جهارا نهارا، أما تأبين عماد مغنية قبل عامين وما لحقه من حملة تخوين لشيعة الكويت بينت مدى استعداد الشعب للتخاذل عن نصرة المظلوم، وفي حالة الجويهل المظلوم هم البدو وإن استتر بقضية مزدوجي الجنسية

وجديد الجويهل أيضا هو مدى التأييد والتهليل والإعجاب الذي حصل ويحصل عليه من البسطاء والمثقفين على حد سواء بالسر والعلانية حتى وصل الحال ببعض الناس أن يبدوا إعجابا ممزوجا بالخجل بقريب لهم اتصل بالجويهل ليمدحه ويدعمه، وخجلهم هنا من ردة فعل الناس تجاه عائلتهم وسمعتها إذا ما ربطت بالجويهل، وهنا الإشكالية فهم يعلمون مدى سوئه ولكنهم مستمرون في دعمه مما أدى إلى انتفاخ ذاته العنصرية وتورمها حتى أصبح كالبالون متكرر الاستخدام، فضربه معارضوه في ندوة السعدون ويا للأسف، لكنه حصل على رقع جديدة وعاد للانتفاخ مجددا، وينزوي حاليا ليعود لكم في العام المقبل لنفث سمومه


حبس/سجن خالد الفضالة ومحمد الجاسم وعبيد الوسمي
دون الدخول في التفاصيل القانونية التي تحمل أخذا وردا، فإن العام الماضي شهد تأكيدا على استمرار نهج العام الذي سبقه في سجن الناس على آرائها، بل وحبسهم احتياطا أحيانا وكأنهم إرهابيون أو فارون
إن الضرر المعنوي والسياسي الذي ألحقه محمد الجاسم بالمؤسسة الحاكمة في الكويت بليغ جدا
وأقصد بالمؤسسةEstablishment
مجموع مراكز قوى في السلطة التنفيذية والتشريعية تستمد قوتها من الدستور أصلا، ومن النفوذ فرعا، ومراكز أخرى في عالم الاقتصاد تستمد قوتها من رأس المال، ومؤسسات إعلامية تستمد قوتها من قوة المال والقرابة والتبعية أصلا ومن التأييد الشعبي فرعا، تلتقي تلك المراكز أحيانا كثيرة وتتعارض أحيانا أخرى

إن ما يكتبه محمد الجاسم من مقالات منذ ابريل2005 بمعدل مقالة كل أسبوع حتى قارب الثلاثمائة مقالة، كلها درجات في سلم رفع سقف حرية الرأي في الكويت، وهذا أمر يحسب له ما دام في دائرة القانون والمباح، ورغم اختلافي المبدئي معه إلا أني أجد نفسي أحيانا كثيرة أومئ برأسي تأييدا لما يقول
أما سجن خالد الفضالة فقد انتهى بحكم براءة نهائي أوصد الأبواب في وجه كل من طعن فيه وتشتم به خلال سجنه، إلا أن حسابات داخلية في التحالف الوطني أدت إلى عدم التجديد له كأمين عام، وأهل مكة أدرى بشعابها
خالد الفضالة تلقى سيلا عارما من الانتقادات عندما حضر تجمع العقيلة المناوئ لمحمد الجويهل وما يمثله، فرأى البعض أن الاجتماع مع مخالفي الدستور وحرية الرأي تناقض فاضح، وآخرون من نافخي نار العنصرية قالوا: ولد الفضالة اش له فيهم!؟
و أيا كانت مواقفهم ومشاربهم، إلا أننا نعيش في الأسبوع الممتد بين عامنا الحالي وعامنا المقبل شهادة جديدة على أنه كما تسموا المصالح على كل شيء لدى البعض، فالمبادئ تسموا عند البعض الآخر
فمؤيدو الخصخصة اصطفوا مع معارضيها في جانب واحد ضد الحكومة
ومعارضو حقوق المرأة اصطفوا مع المرأة ومؤيدي حقوقها ضد الحكومة، بل أصبحوا يطالبون لها بالمزيد
ومعارضو الانتخابات الفرعية المجرمة قانونا اصطفوا مع من خرج من رحمها
ولا أرى في أي من هذا تناقضا بل انسجاما مع المبدأ الأسمى
فقد قال علي بن أبي طالب: يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال

أما الدكتور عبيد الوسمي فقد أدى ضربه وامتهان كرامته إلى زلزلة صورة الأمن والحكومة في الكويت، فلا أعتقد أن شخصا سوي العقل يرضى بما حصل لعبيد الوسمي
لم يعجبني عبيد الوسمي في الماضي، إلا أن الحكومة بارعة في صنع الرموز ممن يعارضوها كما يقول أحد الأصدقاء، فجعلت من الوسمي رمزا، ولا أجد نفسي إلا مؤيدا له في الحاضر والمستقبل القريب


قافلة الحرية إلى غزة
شارك كويتيون في قافلة الحرية التي انطلقت من تركيا حاملة مساعدات إنسانية لإيصالها إلى غزة ولكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها
وما كان من قناة سكوب إلا أن انهالت عليهم وعلى الفلسطينيين بأقبح الألفاظ، مدللين بذلك على مستوى أخلاق القناة، إن وجدت أصلا
وعزى البعض المشاركة لأسباب إسلامية، وتغافلوا عن من المشاركين الذين يجمعهم الدين مع الإسرائيليين أكثر من الفلسطينيين، فإن البشر بشر أينما وجدوا، ومن لا يحس بأخيه الإنسان شخص عديم الشعور ولا أقول إنسان
أنا من مؤيدي القضية الفلسطينية، ومن يتابعني يعلم ذلك، حتى أني رغم صغري فترة ما بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي والموقف المشين لمنظمة التحرير الفلسطينية ومعظم مؤيديها وجماهيرها من احتلال الكويت، ظللت أحس أن القضية قضيتي، وعندما كبرت آمنت بها أكثر فأكثر لأسباب إنسانية ومنطقية وقانونية وسياسية واقتصادية وثقافية أما الدينية فأتركها لهواة الدين ومحترفيه حياة وسياسة، وأن لا أتكلم عن معتنقيه هنا
شردت كثير، إن مشاركة الكويتيين في قافلة الحرية كانت ولا تزال فخرا، والفخر ينبع من فعل الخير لا الشهرة، ومن الإنسانية لا العنصرية، ومن الإيثار لا الشخصانية
أحيي من شاركوا فردا فردا، وأحيي مناصريهم وأحيي فلسطين وشعبها الصامد وأذكركم بشهور الاحتلال العراقي الصدامي السبعة وكيف أن الوقوف ضد المحتل كان قاسيا وجارحا ومحطا للإنسانية، فما بالكم وأنتم تهللون أو على الأقل لا تكترثون بتهجير شعب وتزييف هويته منذ ستين عاما واحتلال وطن منذ ثلاثة وأربعين سنة!؟!؟


تطورات أسرة الصباح
أذكر من التطورات المهمة التي مرت على آل الصباح ثلاثة أحداث كبيرة
أولا قتل الشيخ باسل سالم صباح السالم الصباح من قبل خاله، والوجوم والحزن الذان أصابانا ككويتيين من هذا المصاب
ثانيا اعتداء أبناء فرع المالك من أسرة الصباح على قناة سكوب، الاعتداء الذي مثل انتهاكا صارخا للقانون من قبل أناس نتحرى فيهم القدوة، وما نجم عن ذلك من عزل لسفير الكويت في الأردن الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح من منصبه لدوره خلال ذلك الاعتداء، لكنه ادعى أنه كان متواجدا للتهدئة، عموما فالحكم ليس لي
ثالثا تسليم رئيس تحرير جريدة الشاهد اليومية الشيخ صباح المحمد الصباح لنفسه لتنفيذ حكم بالسجن صادر بحقه، وما لحق ذلك من إفراج من وزارة الداخلية، تم إلغاؤه لاحقا، ولكن المطلوب يظل طريدا أو مختفيا حتى الآن، والله أعلم

ياسر الحبيب وتطاوله على زوجة الرسول
ياسر الحبيب، ذلك الشاب ذو الانتماءات الديمقراطية أيام الجامعة، تخرج منها لينهج منهجا دينيا إقصائيا متشددا ويظهر لنا كشيخ دين ما لبث إلا أن اتخذ من الحرب على النواصب، كما يسمي المسلمين السنة، منهجا كانت أحدث مراحله سب زوجة الرسول عائشة بنت أبي بكر ولعنها وثم إطلاق قناة فضائية لخدام المهدي، هذا التطاول ولد غضبة عارمة في الكويت ونارا حمانا الله من لهيبها


الاستجوابات
لن أطيل في تفاصيلها وتعدادها لأني من المؤمنين بأن الاستجواب أمر عادي وردة فعل على أمر غير عادي
فلا يجب أن تقف البلد على رجل واحدة لأن نائبا أو أكثر اختلفوا مع وزير أو مع رئيس الوزراء، وأرجو أن نتعلم من غيرنا من الأمم كيفية التعامل مع الاستجوابات بطريقة سلسة وتحويلها إلى ممارسة طبيعية تعكس ديناميكية الديمقراطية في الكويت لا جمودها
أما ما يهمني هو الاستجواب الحالي لرئيس الوزراء على ما حدث من انتهاك للدستور والقانون في الثامن من ديسمبر الجاري، أو ما حصل من تطبيق للقانون حسب وجهة نظر مؤيدي الحكومة والشعب الحقيقي، ما يهنمي هو أن عددا كثيرا من الكويتيين قد رضوا الهوان على أنفسهم برضاهم على ما حدث من تعامل أمني مع ندوة جمعان الحربش

وأعيد بيت المتنبي الذي كررته في صفحتى على موقع تويتر
مَن يَهُن يسْهُلُ الهوانُ عليه
ما لجُرحٍ بميتٍ إيلامُ

أما محسوبكم المدون الكسول المشغول صاحب الأعذار اللا متناهية العبدلله كاتب هذه الأسطر، أنا، فقد احتفل بالذكرى السادسة لهذا المدونة شهر مارس القادم هنا معكم أو أتركها أرشيفا وأطل عليكم من مكان جديد لكني لن أختفي



كل عام وأنتم بخير، مع تمنياتي لكم ولنفسي المتواضعة بعام جديد خال من الأمراض والكوارث والغبار والمصائب والعنصرية والكراهية والفقر والانتقائية وعدم الاستقرار السياسي
ومن الأخطاء اللغوية

Monday, May 17, 2010

هكذا الدنيا نزول و

أطل الليلة على هذه المدونة لأؤكد لمن لا يعلم أني حي أرزق
شغلتني عدة أمور عن متابعة مدوناتكم وهذه المدونة ولا أرغب في شغلكم بها

على كل حال

I'm sitting in a balcony, overlooking a hill that looks like where Heidi lived. I'm in a mountainous town in a natural reserve/forest the size of Qatar. Everyday, I watch cows all-over the hill, minding their own business - among other daily things I do. I love the live of farmers, its patience, serenity and the combination of plenty and scarcity. As a wanna-be "farmer" I'm drawn to the ways farmers carefully and repeatedly plant the earth. It seems repetitive and unthought of, but it's actually meticulously planned year over year, day after day. Ideas breed and interact with each other.

Well, for the last year or less I've been pondering an idea, an action, just like farmers do. It would change my "cyber presence" or it would rather refine it.

As for now dear readers and bloggers..
أعلن تضامني مع المحامي والمدون والكاتب محمد عبدالقادر الجاسم رغم اختلافي معه
وأعلن تضامني مع معارضي الخصخصة رغم اختلاف مشاربنا السياسية
وأعلن تأييدي لنادي القادسية في مباراته النهائية رغم اختلافي مع إدارته
وأعلن اختلافي مع أحمد السعدون رغم تأييدي له
وأعلن تأييدي للإضراب كحق أصيل لكل عامل رغم اختلافي مع مطالب المنادين بالإضراب
فليعيش الاختلاف

وإلى لقاء جديد
Tschüs

Sunday, November 15, 2009

يا ناس دلوني

مصدر الصورة: منتدى أبناء قبيلة العوازم
3wazm.com


جاء التالي في صحيفة الاستجواب الذي قدم اليوم من النائب فيصل المسلم إلى سمو رئيس مجلس الوزراء بصفته



اقتباس


وفي بدايات أعمال المجلس الحالي قمت بتاريخ 15/7/2009 بتوجيه مجموعة من الأسئلة لسمو رئيس مجلس الوزراء عن مصروفات ديوانه ، وقد رد الأخ وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في 29/10/2009 برفض الإجابة بحجة أن سمو الرئيس لا يسأل إلا عن السياسة العامة للحكومة استنادا على ما جاء بالمذكرة التفسيرية للمادة (99) من الدستور رغم أن ديوان الرئيس تابع له مباشرة وليس من الهيئات التابعة لأمانة مجلس الوزراء أو الملحقة بها حتى
يسأل عنها وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ، كما أنه ليس لوزير الدولة أي وجود في الهيكل التنظيمي لديوان الرئيس وهو ما أثبتناه في جلسة مجلس الأمة بتاريخ 3/11/2009 رافضين إجابة وزير الدولة ومصرين على بقاء السؤال ووجوب الإجابة عليه من قبل سمو الرئيس شخصيا .


انتهى الاقتباس



النائب فيصل المسلم مصر على أن يجيب رئيس الوزراء عن مصاريف ديوانه لأنه المسؤول الوحيد عنه في مجلس الأمة، ووزير الدولة الروضان مصر على أن رئيس الوزراء لا يسأل إلا عن السياسة العامة للدولة، وكلاهما على حق فكل أجهزة الدولة من وزارات وهيئات ومؤسسات عامة وشركات قطاع عام ولجان عليا ومجالس، الخ، كلها يجب أن تندرج، بل وتندرج، تحت مسؤولية أحد أعضاء الحكومة، فعضو الحكومة عضو في البرلمان بحكم منصبه وهو المساءل سياسيا عن أعمال الجهات التي تندرج تحت مسؤولياته



إلا أن إنشاء ديوان رئيس مجلس الوزراء في صيف٢٠٠٣ ،بعد فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد، أتى بمعضلة إدارية ودستورية تتجلى في الاقتباس الذي قرأتموه أعلاه


فالديوان أنشئ ليكون ديوانا لرئيس مجلس الوزراء بطاقمه الإداري والمالي والاستشاري المستقل عن باقي أجهزة الدولة، فلا يعقل أن يعمل موظفون لرئيس مجلس الوزراء بينما يكون وزير ما مسؤولا عنهم وعن رواتبهم ومحاسبتهم، فلا بد أن يكون للمرؤوس رئيس نهائي واحد، يكون مسؤولا عنه سياسيا


وإذا كان الدستور في مادتيه ٩٩ و١٠٠ يقول بأن للنائب حق سؤال أو استجواب رئيس الوزراء عن الأمور الداخلة في اختصاصه، فالنائب فيصل المسلم على حق في استجوابه


أما إذا قرأنا المادة ٥٨من الدستور وجدناها تقول بأن رئيس الوزراء والوزراء مسؤلون بالتضامن أمام الأمير عن السياسة العامة للدولة، وهذا ما ذهب إليه الوزير الروضان، كما احتج الوزير أيضا بما ذهبت إليه المحكمة الدستورية في تفسيرها للمادة٩٩ بأن رئيس الوزراء لا يسأل إلا عن السياسة العامة للدولة


و بين حانا ومانا ضاعت لحانا


فمن المسؤول عن هذا الديوان أمام مجلس الأمة؟

أنا أرى بأنه رئيس الوزراء، ولكن فوق كل ذي علم عليم

لذا أتمنى أن أقرأ خلال الأيام المقبلة آراء الخبراء الدستوريين في هذه المعضلة

وإن كان لأحد القراء صلة بأحد الخبراء، فليوصل هذا التساؤل مشكورا



Monday, September 28, 2009

أمم متحدة٥: غموض والتباس




قرأتم في الحلقة السابقة شرحا للخلاف التاريخي والحالي حول معنى قرار مجلس الأمن٢٤٢، وفي حلقة اليوم سأعرض لكم حوارا هاتفيا لا يتعلق بذلك القرار مباشرة، ولكنه متصل به في المعنى



شخصيتا الحوار، أمين عام الأمم المتحدة وراوي الحوار ج.غ
ج.غ، عَمِل مترجما في الأمانة العامة وأشرف على أعمال مجلس الأمن والجمعية العامة
المكان والزمان، نيويورك في خمسينات القرن العشرين
دار الحوار باللغة الفرنسية في مقدمته ثم تحول للانجليزية


كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل إلا بضع دقائق عندما هم ج.غ للنوم ليتراح من عمل يوم شاق، لكن رب العمل كان مستمرا في عمله

ج.غ: ألو

الأمين العام: ج؟

ج.غ: هو بذاته

الأمين العام: أنا الأمين العام

ج.غ: أهلا! أهلا بسعادتكم

الأمين العام: هل أنت مَن عَدَّل القرار!؟

ج.غ: عن أي قرارٍ تتحدث؟

الأمين العام: عن النص الانجليزي للقرار رقم كذا

ج.غ: بالفعل أنا مَن عدله

الأمين العام: وعلى أي أساس؟

ج.غ: لأن النص احتوى على ما يسبب اللبس

الأمين العام: كيف؟

ج.غ: حضرت مباحثات القرار وجلسة إصداره ولاحظت غموضا يكتنف النص الانجليزي

الأمين العام: في الفقرة كذا... أ ليس كذلك!؟

ج.غ: نعم

الأمين العام: حسنا، ستتولى غدا إعادة النص إلى ما كان عليه

ج.غ: كيف!؟ والنص الفرنسي واضح ومتماشي مع المباحثات بينما النص الانجليزي أتى غامضا ولا يوصل المعنى

الأمين العام: وهكذا قُدِّرَ للقرارات أن تكون

ج.غ: لـما... ؟

طوط طوط طوط طوط

بهذا الحوار قصير المدة عميق المعنى أود أن تكونوا قد كونتم فكرة حول السلوك السائد في الأمم المتحدة منذ طفولتها، والذي لا يزال سائدا حتى يومنا هذا في تمييع المعنى متى ما أمكن ذلك ومتى لم يكن هناك من يعترض

أمم متحدة٤: المعنى في بطن الشاعر


في الثاني والعشرين من شهر نوفمبر لعام١٩٦٧ صدر قرار مجلس الأمن الشهير رقم٢٤٢ بالإجماع، والذي يختلف في تفسيره الإسرائيليون والأمريكان والبريطانيون ومن معهم من جهة والعرب والفرنسيون ومن معهم من جهة أخرى


اقباس من قرار مجلس الأمن٢٤٢ باللغتين الانجليزية والفرنسية


ففي الجزء الأول من النقطة الأولى للشق العامل من القرار، انظروا إلى الصورة أعلاه، زرع فتيل خلاف لغوي عن قصد أو غير قصد، وظل الفريقان منذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا يختلفون في التفسير، فما معناه وما قصة الخلاف؟

يدور الخلاف حول عبارة: انسحاب القوات الإسرائيلية المسلحة من الإراضي التي احتلتها/أراضٍ احتلتها في الصراع الأخير

فهل المقصود بأن تنسحب إسرائيل من "الأراضي" المحتلة؟ أي الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة وهضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء

أم المقصود أن تنسحب من "أراضٍ" محتلة؟ أي جزء من المناطق المذكورة أعلاه

والمشكلة تقع في أن الإشارة في النص الانجليزي كانت
from territories occupied
من دون تحديد

أما النص الفرنسي فقد أشار إلى
des territoires occupes
أي الأراضي كلها

وحجة معسكر النص الانجليزي هي أن المباحثات التي دارت لإصدار القرار كانت باللغة الانجليزية مما يرحج كفته
وبأن تعبير
des
بالفرنسية يحتمل احتمالين بالانجليزية
of
أو
of the
كما أن المندوب البريطاني قد شدد على أن نص القرار واضح لا لبس فيه وبأنهم، أي البريطانيون، غير ملزمين بتطبيق أي تأويل للنص، في إشارة منه إلى ما ينادي به معسكر النص الفرنسي


و معسكر النص الفرنسي يقول بأن النص بالفرنسية واضح ويعني الأراضي كلها، فكيف يتحدث قرارٌ عن أراضٍ محتلة ثم يطالب بالانسحاب من جزء منها أيا كان حجمه، كما يضيف هذا المعسكر بأن للغة الفرنسية ما للغة الانجليزية من رسمية وحجة في قرارات مجلس الأمن، حيث أنهما اللغتان الرسميتان لمجلس الأمن ولا يحق لكائن من كان أن يرفع من قيمة القرار في لغة دون الأخرى بغض النظر عن اللغة التي دارت بها المباحثات، لأن الحجة في النهاية للنص لا لما سبقه
ويضيف أيضا بأن
des
هي دمج فرنسي لـ
de+les
أي أن أداة التعريف واردة في النص الفرنسي بوضوح ودون أي لبس، وبأن المعسكر الآخر يلعب على وتر الشواذ والمتشابهات في الكلمات والمعاني بطريقة لا تستقيم مع الوضوح في النصوص القانونية

وبهذا أود أن أكون قد شرحت بإسهاب قصة خلاف امتد لأكثر من أربعة عقودة حول القرار٢٤٢، وسيمتد إلى حين، ويستمر الإسرائيليون في الإصرار على أنهم قد طبقوا القرار منذ السبعينات بابتدائهم الانسحاب من سيناء بعد حرب١٩٧٣ واتفاقية كامب ديفد مع مصر، بالإضافة إلى "فك الارتباط" بانسحابهم من قطاع غزة، وسيستمر الفلسطينيون بمطالبة إسرائيل والمجتمع الدولي بتطبيق القرار الأممي الذي تماطل إسرائيل في تطبيقه، ولكليهما حجته إلى أن يحكم القاضي، ولكن القاضي راضي

هل تعلمون من كان وراء كل هذا اللبس؟


إنه وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، والذي كان أول مندوب لهم لدى الأمم المتحدة، الداهية آبا إيبان الذي يشهد الأعداء والأصدقاء بذكائه ومكره واحترافه للدبلوماسية، حيث كان هو من أوعز للأمريكان والبريطانيين بزرع تلك العبارة بين ثنايا القرار في آخر لحظة، وساعدته في ذلك مهارته وطلاقته في عشرة لغات حسب أحد المصار

في الحلقة القادمة سأعرض لكم حادثة من خمسينات القرن الماضي، تبين العقلية السائدة لدى كبار الدبلوماسيين وموظفي الأمم المتحدة والتي لا تستنكر مثل هذا اللبس

Saturday, September 26, 2009

أمم متحدة٣: القفص الخفي


أثناء الحرب الباردة كانت الولايات المتحدة، دولة المقر الرئيسي للأمم المتحدة، تعيش حالة من الريبة مع الاتحاد السوفييتي على المستوى الدبلوماسي حتى وصلت في إحدى حلقاتها إلى طرد البلدين لماءات الدبلوماسيين، والذي كان معظمهم مسجل كملحق ثقافي في واشنطن أو موسكو، بينما هم جواسيس متخفون، وكانت البقية ضحية أخذت بجرم الأغلبية مما جعل الولايات المتحدة تضع سياجا خفيا حول المناطق التي يتجول فيها دبلوماسيو الاتحاد السوفييتي وغيره من الدول في العاصمة الأمريكية والمدن التي توجد فيها قنصليات تلك الدول

انطبق الأمر على مدينة نيويورك، لأنها من وجهة النظر الأمريكية أصعب في السيطرة لكثرة الجنسيات فيها ولكثرة البعثات الدبلوماسية لدى الأمم المتحدة

كان السياج أو القفص الخفي في نيويورك، ولا يزال، دائرة قطرها ١٠أميال، ومركزها دوار كولومبس الواقع في الزاوية الغربية لأشهر حدائق نيويورك السنترال بارك والتي يمكن اعتبارها مركز المدينة من الناحية الجغرافية

ولا يزال دبلوماسيو بعض الدول في حاجة إلى تصريح للخروج من هذا القفص، ولكن فعليا من الصعب ضبط خروجهم نظرا لانسيابية الحركة في نيويورك من ناحية حرية التوجه لأي مكان دون عائق، ولكن المسؤول عن أمن الدبلوماسيين هناك هو الـ
Secret Service
وهو جهاز لا يتسهان به، حيث تندرج تحت مهامه أيضا، بل تتوجها، الحماية الدائمة واللصيقة للرئيس الأمريكي وأسرته

إن لم تخني الذاكرة فالدول الواقعة داخل هذا القفص هي
الصين
كوبا
سوريا
إيران
السودان
كوريا الشمالية
روسيا
صربيا
العراق

مع احتمال أن يكون البلدان الأخيران قد خرجا من هذا القفص نظرا للتحسن في علاقتهما مع الولايات المتحدة
بالإضافة إلى روسيا... يا لسخرية الأقدار

وهذا الأمر لا يعد سرا، فكلكم تمتلكون بريدا الكترونيا أو حسابا على أحد المواقع الأمريكية، وعند التسجيل سيطلب منكم الموافقة على شروط الاستخدام المعروفة بـ
Terms of Service

ستجدون في معظمها تحذيرا من التعامل مع عدد من الدول، وستجدون في معظم الأحول أن الدول التي ذكرتها أعلاه موجودة في ثنايا تلك الشروط التي نمر عليها مرور الكرام

Friday, September 25, 2009

أمم متحدة٢: عرفات... لا ينسى


قد يستفز الموضوع بعض القراء، لكنه لا يستفزني لأنه عرض تاريخي أستعرض فيه سوابق ساهم ياسر عرفات في صنعها

من منكم يتذكر عبارة
جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي
؟؟؟؟

إنها العبارة الشهيرة التي قالها ياسر عرفات في قاعة الجمعية العامة عام١٩٧٤
عندما سمح له بالحديث من على منبر الجمعية في زمن كان الحديث فيه مقصورا على رؤساء وفود الدول الأعضاء في المنظمة

فهذه تعد السابقة الأولى

والثانية كانت عام١٩٨٨ عندما انتقلت الجمعية العامة للاجتماع في جنيف بدلا من نيويورك لأن الولايات المتحدة رفضت إصدار فيزا أو تأشيرة لياسر عرفات

نعود لعام ١٩٧٤
عندما نسي العاملون في الجمعية العامة أن الكرسي البيج المجاور للمنبر مخصص لرؤساء الدول الأعضاء فقط ليجلسوا عليها خلال تقديمهم للجمعية العامة من قبل رئيسها، أما سواهم وإن كانوا رؤساء وزراء أو نوابهم أو وزراء خارجية فلا يسمح لهم بالجلوس ولا حتى بتواجد الكرسي قبل كلماتهم

أما قبل تقديم عرفات لخطابه فقد ترك الكرسي، و تدارك العاملون هذا الخطأ بأن يقوم مدير البروتوكول أو المراسم بمرافقة عرفات حتى المنبر كي لا يجلس على الكرسي
ومنذ ذلك الحين كان الكرسي يوضع لعرفات متى ما حان دوره ليلقي كلمة للجمعية العامة دون أن يجلس عليه
واختلف الرواة على سبب وضع الكرسي، فمنهم من قال أنه خطأ وهناك من قال أن رئيس الجمعية العامة آنذاك، وزير خارجية الجزائر عبدالعزيز بوتفليقة، هو من أمر بوضعه

تلك كانت ثلاث سوابق أما الرابعة فكانت بعدما توفي عرفات عام٢٠٠٤ حيث دعت الجمعية العامة ليوم حداد تم فيه تنكيس أعلام الأمم المتحدة ووقفت الوفود فيه دقيقة حداد على روحه

أتركم مع بعض الصور من عام١٩٧٥ من مصادر مختلفة