إن قضايا التجنيس وسحب الجنسية وحرب غزة وحملة قناة سكوب الفضائية ضد الحركة الدستورية الإسلامية، كلها قضايا تجعل موضوع الوطن والوطنية يطفو على السطح
وآخر تلك المواضيع، حملة أقسم التي تزامنت مع عيدي الكويت هذا العام
وسط كل تلك المعمعة لم أجد في الصحف والمدونات ولا على القنوات الإذاعية والتلفزيونة من يشاركني رأيي في قضية الوطن وحبه، هذا الموضوع الذي يمس كل سكان الأرض لا الكويت فقط
ولكن
صباح هذا اليوم شاءت الأقدار أن أقرأ صحيفة السياسة التي قلما أقرؤها، لأجد كاتبا عزيزا على قلبي يكتب، وكأنه شق عن قلبي، مقالا تحت عنوان
لله درك يا أحمد البغدادي، أرحتني من لجة الكتابة
==============
أما الموضوع الذي أريد أن أكتب عنه فهو أقرب إلى الفضفضة
إنه حالة الدولة، وسأقسمها إلى أجزاء أولها اليوم
رئيس الوزراء
يحيرني أمره، فهو الذي إن التقى بضيف من ضيوف الكويت، خرج الضيف من عنده مستمتعا بالحديث معجبا بالرجل وبحكومة الكويت التي يقودها رجل مثله
لكنه، أي رئيس الوزراء ناصر المحمد الصباح، إن تعلق الأمر بالسياسة المحلية تصرف كالذي يخطي خطواته الأولى في السياسة
وللأمانة فقد أعجبي، بداية الأمر، أسلوبه في عدم الرد إلا من ندر وعلى من يريد من الساسة، متبعا حسب رأيي المثل القائل: الحقران يقطع المصران
فكثير من ساستنا هنا أسميهم بالـ
Attention-hustlers
فهم يعيشون على اهتمام الحكومة بهم، إما بمراضاتهم أو بالرد عليهم أو بتلبية مطالبهم العادلة منها وغير العادلة
أما أسلوب "الحقران" فهو أكثر ما يمقتون، ولكنهم ساسة وللسياسة فنون
لذا تجدون عددا لا بأس به من النواب في مجلس الأمة يتحدثون عن رئيس الحكومة دون انتظار رد منه، فقد تعلموا قواعد اللعبة: رئيس وزراء صامت، أو شبه صامت، كثير الإجازات، تقل تصريحاته للإعلام عن تصريحات أهدأ وزير في حكومته، إذن فأفضل طريقة للتعامل معه هي كالتالي
إلصاق التهم به، وإن كانت من اختصاص أحد الوزراء لوحده، فيقوم الوزير بالرد، وقد تخرج من الوزير سقطة لسان، فيتلقفها النائب ويلصقها برئيس الوزراء والوزير المختص معا
٢-صفر
التهديد باستجوابه، فيحاول ترقيع الأمور ويسحب عددا من الجنسيات، مثلا، من باب أهون الشرين حسب رأيه، فلا يزول الخطر المسمى "استجواب" ويثور كثير من النواب عليه، ويضمر له أحد الوزراء الطعن في شهادته
٣-صفر
يأمر الرئيس وزير الداخلية، الذي شهد لأحد المتجنسين وسقطت جنسيته، يأمر الوزير بالسماح لرجل دين عليه قيد أمني بدخول الكويت، ويقوم الوزير بفضح أمر رئيسه لأحد النواب، ليجد النائب الفرصة سانحة لاستجواب رئيس الوزراء، وقبل مناقشة الاستجواب تنسحب الحكومة من جلسة مجلس الأمة بطريقة مخجلة، فتفقد الحكومة برئيسها صورتها التضامنية المهزوزة أصلا، ويتلقى رئيس الوزراء "طعنة" من وزير داخليته أو ردا لدين، ولا يسقط الاستجواب، ويخسر النواب المؤيدين للحكومة بكشفهم بعد انسحاب الحكومة، وتستقيل الحكومة لدرء خطر فيأتيها ما هو أعظم
٥-صفر
تظل الحكومة تصرف العاجل من الأمور وتمتنع عن حضور جلسات مجلس الأمة معطلة بذلك عمل سلطة بأكملها، ليأتي تشكيل حكومي بعد حوالي ٦٠ يوم بنفس الوجوه باستثناء اثنين، ويعود بعد ذلك الوزير أحمد العبدالله المختلف مع رئيس الوزراء سابقا على تولي حقيبة النفط، يعود وزيرا للنفط، فـ"يكسر خشم" رئيس الوزراء، وينضم لحكومة لا تختلف عن سابقتها، بعد تعطيل أعمال مجلس الأمة لحوالي شهرين
عذرا النتيجة غير قابلة للتحليل المنطقي السليم
يعمل، وأحسب ذلك بحسب نية، على تطوير البلد بمشروع مثل شركة كي داو، فتثور ثائرة بعض النواب على تفاصيل المشروع، فيرى بأن الوقت غير سانح لمشروع من هذا النوع ويختلف مع وزير كلفه سابقا بالعمل لإنجاز المشروع، فيختلف الرئيس مع الوزير ويصر كل منهما على موقفه، فيسقط المشروع، ويخرج الوزير من التشكيلة الحكومية، ويخسر رئيس الوزراء كل من عمل من أجل المشروع، ويخسر علاقة امتدت لأكثر من ١٦ سنة مع حركة سياسية واسعة الجماهير، ويهدد بالمساءلة
٥-صفر
بعد كل تلك الأمثلة يجد النواب أمر التعامل مع رئيس الوزراء سهلا جدا، فيهددون باستجوابه، ويقدم بعضهم استجوابهم فإن قبل رئيس الوزراء بالاستجواب كان لهم ما يريدون، وإن رفض قالوا استخدمنا حقا دستوريا وهو يريد أن يصادر حقنا، وإن تم حل مجلس الأمة فرضا سيلصقون التهمة به لأنه هو الذي عاند ومن الصعب أن يجد دليلا عكس ذلك بين ردوده على النواب التي يتراوح عددها ما بين أصابع اليد الواحدة واليدين
وتقولون السياسة عندنا عوار راس
ما فيش أحلى من كده
==============
رغم توفير التكنولوجيا خلال السنوات الأخير لخدمة التدوين عبر الهاتف النقال، إلا أنني وبسبب هاتفي النقال الجديد الذي أعشق العبث به، قد أقوم بالتدوين بشكل مصغر أو مقتضب خلال الأيام القادمة للمحافظة على التواصل معكم أعزائي ولتفادي اختفاء معالم المدونة وسط الغبار الجوي والسياسي والاقتصادي والتدويني الذي نعيشه حاليا، مع تمنياتني لكم بمناعة تقيكم شر أنواع الغبار الأربعة تلك