يمر الكويتيون منذ ست سنوات على الأقل في مرحلة تساؤل هام في الحياة الديمقراطية لأي مجتمع، وهو التساؤل عما إذا كانت الديمقراطية معيقة للتنمية أم لا، وتتفرع عن هذا التساؤل عدة تساؤلات
إلا أن ما يهمني هنا هو العقلية التي يصدر منها هذا التساؤل وهي عقلية المقايضة سعيا نحو الربح، وهي نظرية اقتصادية بدائية ناجحة بحيث يعطي الأول شيئا للثاني مقابل شيء آخر، ويربح الطرفان
أما المقايضة التي تُصدِر السؤال المذكور فلا طرف آخر فيها، أي أن ترك شيء مقابل آخر لا يربح فيها إلا طرف واحد، هذا إن ضمنا الربح
ويقودني ذلك إلى الحالة التي وصلنا إليها في الكويت حاليا
وهي مقايضة الحرية، وعلى سبيل المثال يقول بنجامن فرانكلن، أحد مؤسسي الولايات المتحدة: إن من يبتاع/يقايض الأمن بالحرية لا يستحقها ولن يحصل على الاثنين
The man who trades freedom for security does not deserve nor will he ever receive either.
وأكمل هنا، أن من يعتقد أن الحرية سلعة تستبدل وتباع وتشترى وتدخر انسان واهم
أو وهمان على قولة الجويهل
كتب مدونون كثر قبلي عن مثل "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" ومنهم ولادة عندما استعارت حالة تاريخية ألمانية بليغة
إن الثور الأبيض ليس خالد الطاحوس أوضيف الله بورمية أو خليفة الخرافي أو بداح الدوسري
إن الثور الأبيض هو المرأة الكويتية التي "أكلت"، عام١٩٦٢ بقانون الانتخاب الذي أنكر عليها حقا طبيعيا ودستوريا في المشاركة السياسية، منذ تلك السنة وإلى اليوم ونحن نشهد حبيبات المسباح تسقط الواحدة تلو الأخرى
وبإمكاني العودة إلى المجلس التشريعي الكويتي لمثال آخر، إلا أن ذلك سابق لدستور١٩٦٢
إن عدم تصنيف أنفسنا مع الآخرين بسبب اختلافتنا أيا كانت هو عين البلاء
إنها العقلية البغيضة المسماة: نحن وهم
فإن الرجل الذي ظلم المرأة عام١٩٦٢ لأنه ليس بامرأة، ظلم نفسه معها لأنه مواطن وانسان مثلها
والبرلمانيون الذين حرموا غير المسلمين من التجنس، ظلموا أنفسهم لأنه كغير المسلمين بشر
والذين صمتوا عن تعذيب العنزي في قضية أسود الجزيرة ظلموا أنفسهم
ونفس الشيء ينطبق على من صمت على الانتخابات الفرعية السنية أو القبلية ومن صمت على منع غير المسلمين من شرب الكحوليات ومن صمت على اعتقال الطاحوس ومن تلاه
كل المظلموين المذكورين أعلاه هم نحن
وبعد كل ذلك يتحجج البعض بخطأ الطاحوس أو تهوره أو رغبته في أن يخلق من نفسه بطلا وطنيا
وأنا أعلن من مدونتي هذه أني أقول ما قاله أحمد البغدادي عام١٩٩٩
وما قاله المتهمون في قضية مسجد شعبان في الثمانينات
وما قاله الطاحوس وبورمية والخرافي
فإما أن نسير بالقانون قولا وفعلا
أو نتحول إلى دولة سلطوية بوليسية ونتوقف عن هذه التمثيلية السمجة المسماة: قانون على الورق
ملاحظة: يمكنكم متابعة أخباري وأفكاري عن طريق خدمة
على القائمة اليمنى للمدونة... ويا ليتها كانت على اليسار