جواب السؤال في الحلقة الماضية هو: بلغ السيل الربى
PerseusQ8 صاحب الاجابة الصحيحة
فـ الزبية وجمعها زبى هي أعلى الجبل أو الربوة العالية
العاشر من رمضان
موضوع الحلقة: هل هناك تحيز ضد "المؤنث" في اللغة العربيةالجزء الأول: الناحية اللغويةينطق شعوب العالم بآلاف اللغات الحية منها عشرات اللغات المليونية، أي تلك التي يتحدث بها أكثر من مليون شخص، ولكل منها طريقة في التعامل مع الجنس أو النوع في اللغة
Sex/Gender
فهناك لغات لا يوجد فيها مؤنث أو مذكر كالأرمينية، ولغات يكاد يغيب فيها "النوع" كاللغات التركية، ولغات فيها المذكر والمؤنث ولكن بشكل بسيط، كاللغة الانجليزية، وأخرى يُفَصل فيها المذكر والمؤنث ويختلفان لفظا وكتابة لكنهما يشتركان في بعض الخصائص ويتحدان في بعض الكلمات والأفعال، كالفرنسية والإسبانية والبرتغالية والايطالية، كما توجد لغات شديدة التفصيل في "النوع" اللغوي كالعبرية ولغتنا الجميلة العربية
==========
توضيح
يُنظر إلى الجواب هنا من زواية لغوية، دون أن تُهمل بعض المسببات التاريخية والاجتماعية، وأقصد بالناحية اللغوية هو معاملة الكلمة بنوعها الظاهر لغويا أي اللفظي، وليس بنوع حاملها أو صاحبها، فهناك من الكلمات ما يحمل لفظا مؤنثا ومعنى مذكرا، ومن الأمثلة على ذلك: أسماء الرجال كعكرمة ومسلمة وقتيبة وأسامة وعنترة، فهي مؤنثة اللفظ مذكرة المعنى، وهناك كلمات مثل كتف ويد وعصا، مؤنثة المعنى ولكنها ليست مؤنثة اللفظ، ولن أقول مذكرة اللفظ لأني سأتناول هذه الناحية لاحقا في النقطة "جـ" في آخر الموضوع
ولتوضيح ذلك علينا أن نستدل على المذكر والمؤنث من خلال أنواعهما الثلاثة
اللفظي: وهو ما دل على لفظ مؤنث أو مذكر ويستدل عليه من آخره
الحقيقي: هو ما كان اسما لمذكر أو مؤنث حقيقي، كأسماء الرجال والنساء وأسماء الحيوانات
المجازي: هو ما يُعامل، مجازا، معاملة المؤنث والمذكر دون أن يكون له بالضرورة نوع حقيقي أو دلالة لفظية في آخره
==========
لغتنا الجميلة مؤنثة لفظا، لكن هل ترجح كفة التأنيث على التذكير في العربية؟
إن أردنا أن نحدد الغلبة اللغوية لأحد النوعين، المذكر والمؤنث، نظرنا أولا إلى عدد من جوانب اللغة التي تساوي بين الاثنين
أ-الأسماء والفاعلون في اللغة العربية
فهي مؤنثة ومذكرة على حد سواء، سواء كانت لحي أو لجماد أو لمفهوم وفكرة، والأفعال والضمائر كذلك
ب-يتساوى التذكير مع التأنيث في اللغة العربية في حالات مثل:
كان وأضحى وأصبح: فيمكننا أن نجعلها مذكرة إن نظرنا إليها كـ أفعال، ونجعلها مؤنثة كـ أدوات
مثال آخر: العرب، فمقولة "كان العرب يسكنون الأندلس" ومقولة "كانت العرب تسكن الأندلس" كلاهما تحملان نفس المعنى
جـ - واو الجماعة ونون النسوة
كلاهما يتساوى مع الآخر في الوظيفة اللغوية
د- الواو (أو الياء) مع النون في جمع المذكر السالم (فاعلون) والألف والتاء في جمع المؤنث السالم (فاعلات) مثال آخر على التساوي في الوظيفة اللغوية
هـ - الفعل المضارع
فنضع الياء في أول الفعل للمذكر والتاء في أوله للمؤنث
مثال: يفعل، تفعل
و - جمع التكسير، يتساوى فيه المؤنث والمذكر، فلا علاقة لظاهره اللفظي بمعناه الحقيقي مثل: دول، أجهزة، درر، وزراء، شعوب، ديار، شهور، نيران، كتب، أفكار، قطط، حروب، نسائم، طيور، أشعار.. والأمثلة في ذلك أكثر من أن تحصى
ز - كلمات تصلح للمذكر والمؤنث: عَلّامَة، زَوْج، شخص، شخصية
فهي تصلح للمذكر والمؤنث، لكن العرب الآن اعتادوا على تسمية المرأة المتزوجة بـ"زوجة" فيقولون "زوجة فلان" رغم أنهم يقولون "زوج النبي" إن تحدثوا خديجة بنت خويلد، وذلك لأنهم يقتبسون كلام من سبقهم
ولكن بالنسبة لـ"شخص"، بإمكانكم قراءة النقطة "ب" الواردة لاحقا
ح - أنت وأنتما وهؤلاء
لا يحملن بالضرورة تذكير أو تأنيثا، ويحتملان الاثنين
إلا أن إشارة "أنت" تتغير بكسر أو فتح التاء حسب المخاطب
ط - المتحدث من الجماعة في الأفعال
فيقول الجمع من الذكور "ذهبنا" و "نذهب" ويقول الجمع من الإناث الشيء ذاته
هذه أمثلة على تساوي المذكر بالمؤنث، ولكن هناك حالات تكون الغلبة فيها للمذكر
أ- الجمع: فعندما نتحدث عن جماعة ما من الناس، أو أي جمع من غير البشر فيه من المؤنث والمذكر غلّبنا المذكر على المؤنث وإن قل عدده الأول
فتسعة من المتسابقين الذكور وتسعة من المتسابقات الإناث، يسمون متسابقين
ومتسابق واحد وألف ألف متسابقة، يسمون متسابقين أيضا
هذا ينطبق على الجمع السالم (المذكر والمؤنث) ولا ينطبق على جمع التكسير المذكور أعلاه
وينطبق أيضا على واو الجماعة ونون النسوة إن كان الجمع يحوي فاعلين وفاعلات، فنقول: "كتبوا" للذكور و"كتبن" للإناث، لكن نقول "كتبوا" إن كانت المجموعة تحوي إناثا وذكورا
جُل هذه القاعدة ينطبق على اللغتين الساميتين العربية والعبرية، واللغات ذات الأصل اللاتيني: الفرنسية والايطالية والاسبانية والبرتغالية، بل أن اللغات الأربع الأخيرة تضيف على ذلك تذكير أداة التعريف في حال احتوى الجمع على مذكر ومؤنث
ب - الغائب: عندما نشير في حديثنا إلى شخص ما
هل لاحظتم شيئا؟
لقد استخدمت كلمة "شخص" وهذا عين ما أقصد
فعندما نتحدث عن الغائب في اللغة نشير إليه بصيغة مذكرة
فنقول: سارق، مؤمن، كاتب، مصدر مسؤول
وفي هذه الحالة نغلب المذكر على المؤنث، ولكن هناك رأي آخر في ذلك يقول بأن هذه الصيغة من الإشارة للغائب تشمل المذكر والمؤنث، فهي وإن كانت مذكرا لفظيا فإنها لا تحمل "نوعا" في معناها وتحتمل المذكر والمؤنث
ولي في هذا النقطة تكملة في الحلقة المقبلة
جـ - نهايات الكلمات والفعل الماضي
فالمذكر من الكلمات كـ قاتل و صالح و كافر و محترم، كلها مذكرة دون الحاجة إلى تغيير نهاياتها، ولكن عندما نقصد المؤنث نضع التاء المربوطة في آخرها
لذا أصبح الأصل مذكرا والعَرَضُ مؤنثا
وفي الفعل الماضي، وهو أصل الجذور الثلاثية للأفعال في اللغة العربية يكون الأصل مذكرا
مثال: فعل
أما المؤنث فتُزاد في آخره تاء التأنيث
وهنا أيضا يصبح الأصل مذكرا والعَرَضُ مؤنثا
ونقطة الفعل الماضي هذه تنطبق على اللغة العبرية كذلك
يتبع
الحلقة القادمة: التشريع